Sunday 10 September 2017

إغلاق معاهد الإدارة ضرورة تنموية ومؤشر يقظة

إغلاق معاهد الإدارة ضرورة تنموية ومؤشر يقظة 
منذ سنوات قال لي دكتور في الإدارة: "لم نعد تصادف أحدا إلا ومعه ماجستير او دكتوراه في الإدارة! غدا ستجد بياع البسطة حامل شهادة دكتوراه في الإدارة". ذلك لأنه تم افتتاح عشرات كليات الإدارة في الجامعات الخاصة وعدة معاهد إدارة حكومية إضافة إلى اقسام الإدارة في كليات الجامعات الحكومية.
لماذا كل هذا الاندفاع على الإدارة؟ هل سوق التوظيف متعطش حقا لاختصاص الإدارة؟، عدد هائل من المدراء لا يمكن أن نؤمن لهم شركات كافية ليكونوا مدراء فيها. وما هي الأنشطة الاقتصادية والمؤسسات الحيوية التي تحتاج كل هؤلاء المبدعين المطورين المحدثين. سوق البيض الحساس جدا والخطير جدا تديره في سورية الأرملة أم أيمن وليست جهبذا ولم تدرس إدارة ولا أثر البسكوتة والموسيقى على تحفيز الدجاج. 
إن بلد صناعيا تنافسيا معقدا كأمريكا، ألمانيا، روسيا يحتاج لمعهد عال في الإدارة، ولكن نحن ماذا لدينا من الأنشطة الحيوية والتنافسية والتي تحتاج كل هؤلاء الجهابذة؟ سيوزعونهم على المؤسسات المختلفة؟ حسنا... لماذا نجلب للمستشفى شخصا حائزا على دكتوراه في الإدارة؟ فإذا كان الطبيب يجهل الأثر التحفيزي للبسكوتة والموسيقى؟ فإن دكتور الإدارة بالمقابل يجهل ألف حيثية طبية حساسة وحيوية أكثر من ذلك.
وانتبه جيدا لنقطة هامة جدا فالإدارة هي غير القيادة (وإن قلت أن المعاهد لصناعة القادة فالمشكلة أعمق). وهؤلاء الجهابذة الإداريون يكونون تحت إمرة المسؤول القائد والذي ينبغي تثقيفه بطريقة أخرى تماما، الإداريون كل أنشطتهم وأفكارهم وإنتاجيتهم لا تتعدى نسبة تافهة في نشاط المؤسسة بالمقارنة مع أي عامل من عوامل الإنتاج الحقيقي أو النهج القيادي. 
لا أحد يريد أن يكون لا منتجا ولا صناعيا ولا زراعيا ولا مفيدا في أي قطاع من القطاعات التي تحقق قيمة مضافة فكريا او ماديا، بل الجميع يريدون ان يصبحوا مدراء. حسنا، فماذا سيديرون؟ سوى أبوازهم وأكتافهم!؟ تلك المعاهد لا وظيفة لها سوى إذكاء الطموح للمناصب وهي الآفة التي تقتل المؤسسة والمجتمع. الطريف أنه لكي تتمكن من الانتساب للمعهد لا بد من واسطة قوية. وفي المعهد يعلمونك أن الواسطة آفة المؤسسات والتعيينات الإدارية. ويعلمونك ألا تكون ساعيا للمناصب بل أن تهتم بالعمل والإنجاز وأن تذوب في فريق العمل. شعوذة؟ ومن ينتسب للمعهد إلا من أجل الترشح لمنصب؟
إن التركيز على الإدارة في بلد لا تثمر الإدارة فيه يؤدي لصرف النظر عن مقومات النهضة ومنطلقات التنمية الحقيقية ولتشتيت الأفكار والجهود وهدر النفقات والطاقات في تنظير جدلي عقيم. مشكلتنا الحضارية ليست إدارية، المعاهد الإدارية لا تقدم إضافة تنموية. إنها تستهلك نفقات عبثية وتحرف البوصلة الاقتصادية. وقد أنشأها عبدول طروادة لتكون حجة لإيصال الشخص المطلوب الى المنصب المطلوب ولانتقاء الأجراء المناسبين لتعيينهم في مفاصل التخريب الدردري. وقد تمت المهمة بنجاح وتدمر البلد على أيديهم فكفى، ينبغي الآن أن تغلق المعاهد الإدارية. 
نعلم أنها موجودة في الدول المتقدمة، ولكن ليس ما عندنا كما عند الدول المتقدمة. وموجودة في الدول العربية ولكن ليس كل ما تقوم به حكومات الدول العربية صحيحا وحيويا ونهضويا. إنني أؤكد على ضرورة إغلاق جميع معاهد الإدارة بكافة مسمياتها والاكتفاء بكلية واحدة أو فسم أكاديمي فقط. وليتم الاستعاضة عنها بمعاهد أو مراكز من نوعيات تنتج قيمة مضافة فكرية أو تنموية أو تطبيقية تساهم في اللحاق بركب الحضارة العالمي

https://www.facebook.com/groups/multaqadrs/permalink/1953967754846755/

No comments:

Post a Comment