Wednesday 30 August 2017

الإصلاح الإداري .. خطوات تنتـظر التنفيذ



الإصلاح الإداري .. خطوات تنتـظر التنفيذ
الرابط الأساسي
الإصلاح الإداري .. خطوات تنتـظر التنفيذ

اقتصـاد
الأحد 19-2-2012
حتى تـدبّ الحيـاة في مفاصـله من جـديد المشاريع الإصلاحية المتعثرة في عهدة المستقبل

شكل الفساد الإداري الذي مرت به العديد من الهيئات والوزارات والمؤسسات الحكومية أحد أهم الأسباب التي أدت لظهور حالة الترهل والتعثر التي انعكست على مستويات الأداء‏

في مؤسسات القطاع العام بكافة تفاصيلها ,وقد بات واضحا لكل متابع لاتجاهات وحركة التطور الاقتصادي في سورية بأن هناك خللاً كبيراً على مستوى أجهزة الإدارة العامة وقف عائقا أمام إنجاز خطوات ملموسة باتجاه تحقيق الطموحات الاقتصادية والاجتماعية المستهدفة في البلاد .‏

وبالتالي ظهرت علامات الترهل والمرض على الجسد الإداري بكافة أجهزته وأدواته المتاحة وانعكست سلبا على إعداد وتنفيذ الخطط الاقتصادية ، التي بدت قاصرة عن مواكبة طموحات الناس على مستوى التنفيذ رغم أن الطاقات والإمكانات المتاحة مناسبة لتحقيق نتائج أفضل بكثير على صعيد الأداء الاقتصادي .‏

وفي الوقت الذي بدت فيه مظاهر الخلل واضحة للجميع وارتفعت الأصوات تنادي بتصحيح المسارات غابت المحاسبة بشكل عام وبات الفساد حالة شائعة يتسابق إليها كل ضعيف لإرضاء من كان سببا في تقليده المنصب الإداري الذي يشغله وتحقيق ما يريد دون النظر لمطالب السواد الأعظم الذين تحدثوا ورفعوا الصوت ، فاستقبلوا بالتهميش والإلغاء وفي كثير من الأحوال بالإبعاد وحتى التسريح في بعض الحالات وسط غياب واضح لأي معالجات حقيقية وشاملة من قبل الأجهزة القضائية والرقابية .‏

هنا قد يطرح سؤال مشروع يقول: ماذا فعلنا لمواجهة الفساد والترهل الإداري ؟ وهل تأخرنا فعلا في عملية العلاج وما هو البديل المنطقي؟.‏

أمام ما تقدم من توصيف كان لابد من التحرك على كافة المستويات من أجل التدخل السريع لإيجاد الحلول الملائمة والكفيلة بدراسة وتشخيص المشكلات الإدارية والاقتصادية في سورية .‏

ولقد كانت البداية لهذا التحرك تقتصر على بعض الإجراءات المحدودة وغير الكافية لكنها أخذت شكلا أكثر وضوحا مع خطاب القسم الدستوري بتاريخ 17/7/ 2000 حيث أصبحت مسألة معالجة المشكلات الإدارية ضرورة لدفع حركة التنمية دون إبطاء ، فقد أكد السيد الرئيس أن قصور الإدارة لدينا هو من أهم العوائق التي تعترض مسيرة التنمية والبناء التي تؤثر بشكل سلبي في كل القطاعات دون استثناء ، وعلينا أن نبدأ بالسرعة القصوى بإجراء الدراسات الكفيلة بتغيير هذا الواقع للأفضل من خلال تطوير الأنظمة الإدارية وهيكلياتها ورفع كفاءة الكوادر الإدارية والمهنية ، وإنهاء حالة التسيب واللامبالاة والتهرب من أداء الواجب ، ولابد من محاربة المقصرين والمسيئين والمهملين والمفسدين” .‏

وفي عام 2002 صدر المرسوم رقم 27 القاضي بإحداث المعهد الوطني للإدارة كخطوة عملية تأتي في ذات السياق تهدف لإعداد الكوادر الوطنية إداريا لقيادة المؤسسات بما يخدم المصلحة الوطنية ، ونحن هنا لسنا بصدد التعليق عن حجم نجاح هذا المعهد ودور خريجيه في تطوير مستويات الأداء الإداري في سورية أو معرفة لماذا أخفق .‏

ورغم الإعلان عن خطوة وصفت بالميدانية في هذا السياق تمثلت بطرح مشروع أولي يهدف لإعداد مشروع أولي لإستراتيجية التنمية الإدارية في سورية فقد لاحظ المتابعون لمنظومة البرامج الإدارية الحكومية عدم كفاءتها لتحقيق الأهداف وافتقارها إلى وضوح المنهج الفكري الإصلاحي ، عدا غياب البنية التنظيمية المختصة بالإصلاح والمهيأة بشرياً ومادياً وتقنياً وسلطوياً لقيادة برنامج الإصلاح الإداري .‏

خاصة أن الحكومة اكتفت بتشكيل بعض اللجان التخصصية لوضع برامج أولية في مجالات التدريب والتأهيل للسلطة القيادية العليا. إلى جانب اقتراح تشكيل وحدات تنمية إدارية على مستوى الوزارات والمحافظات .‏

لكن هذا المشروع اصطدم بالكثير من العقبات منها عدم توفر الدراسات الميدانية عن واقع عمل المنظمات والمؤسسات الحكومية اعتماداً على قاعدة معرفية نظرية معمقة في الإصلاح ، وعلى بعض التجارب الناجحة في هذا المجال على المستوى العالمي بما يتماشى مع طبيعة الوضع الاقتصادي والإداري في سورية . لكن هذا المشروع في المحصلة لم يقر ولم ينفذ من المقترحات الواردة فيه سوى بعض الدورات المحدودة الخاصة بالقادة الإداريين والمحافظين .‏

ثم توالت بعض المحاولات الجزئية التي انصبت باتجاه تحديد شروط ومواصفات شاغلي المواقع المتقدمة في أجهزة الإدارة العامة و صياغة مشروع للإصلاح الاقتصادي في سورية يعالج المسألة الإدارية في سياق الوضع الاقتصادي العام بدءا من عام 2002 وما بعد تم عرضه للمناقشة في العديد من وسائل الإعلام ، وتم تشريحه من قبل الخبراء والأكاديميين وقدمت مقترحات هادفة للتطوير.‏

كما تم التعاقد مع فريق خبراء في الإصلاح الإداري قدم من فرنسا وقدمت له الكثير من التسهيلات لنكتشف بعدها أن هذا الفريق كان عبئا على عملية الإصلاح ولم يقدم جديدا على مبادرات الفريق الوطني التي لم يعمل بها سابقا فعاد الفريق إلى بلاده وعدنا للتجريب في نماذج الإصلاح.‏

وفي محاضرة قدمها الباحث عبد الرحمن تيشوري تحت عنوان، الإصلاح الإداري المتهالك في سورية، أشار خلالها إلى جانب مهم من جهود الحكومة تحت ما يسمى: خطط الإصلاح عبر سلسلة طويلة من البرامج القطاعية التي استهدفت إصلاح القطاع العام وفق أسس جديدة غايتها اختصار بعض الحلقات الإدارية الوسيطة ، وتعديل العديد من المراسيم والقوانين والأنظمة الهادفة إلى تبسيط الإجراءات والابتعاد عن الروتين والبيروقراطية ، ومشاريع قوانين لتعديل التشريعات المالية والضريبية مطروحة من قبل وزارة المالية وتبذل جهود كبيرة من قبل الأكاديميين والخبراء بهدف تصويبها لتصبح أكثر عدالة وقدرة على استقطاب الاستثمارات .‏

وتشكيل هيئة استشارية تتبع لرئاسة مجلس الوزراء تقوم بإعداد الدراسات وتقديم المقترحات والتوصيات حول مسائل التنمية والإصلاح الاقتصادي والإداري .‏

وبرأيه فإن جميع هذه المحاولات لم تكن كافية لتحقيق الأهداف التي بذلت من أجلها ، لأسباب منها : ضبابية المنهجية الفكرية للإصلاح الاقتصادي والإداري والاعتماد على بعض الإصلاحات الجزئية التي تأخذ طابعاً ترقيعياً بعيداً عن تحديد متطلبات الإصلاح الإداري على المستوى الكلي، و عدم وجود هيكل تنظيمي معني بالإصلاح الإداري حتى الآن تتوفر فيه الكفاءات البشرية المطلوبة وتهيأ له المستلزمات التي تمكنه من المشاركة بفاعلية في إعداد وقيادة برنامج الإصلاح الإداري .‏

عدم إشراك القطاع الخاص كقاعدة عريضة والمنظمات غير الحكومية في صياغة الخطوط العريضة لبرنامج الإصلاح الإداري .‏

انتهاج سياسة الإصلاح الإداري البطيئة والحذرة جداً والخائفة ، حيث لا تراعى أهمية الوقت وهدر الموارد في الوقت الذي يفضل استخدام أسلوب الصدمة المدروس في إطار ميداني وأكاديمي .‏

في ضوء ما تقدم يمكن الاستنتاج بأن مشروع الإصلاح الإداري في سورية لا يزال متعثرا ويحتاج إلى إعادة تفكير من جديد عبر شبكة واسعة ومتعمقة من الفعاليات السياسية والاقتصادية والإدارية والمجتمعية القادرة على تحديد الأرضية المناسبة لبناء قاعدة الإصلاح الإداري للارتقاء بالأداء الحكومي بما يتماشى والتحديات والمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التي فرضتها التحولات الراهنة.‏

ومع ان الجهود لاتزال مستمرة في محاولات الاصلاح عبر سلسلة طويلة من التجريب يبقى السؤال: هل تدب الحياة في مفاصل الإصلاح الإداري المترهلة، وهل نستفيد من التجارب ونبدأ عملية الإصلاح الإداري التي تمثل جسور البناء في عملية الإصلاح المنتظرة لبناء سورية المتجددة؟.‏

بشار الحجلي‏

***‏

من أين يجب أن يبدأ ؟‏

ناصر : يجب أن يكون إصلاحاً في سلوك الإنسان00 مستمرا وشـاملاً‏

الدكتور محمد ناصر الأستاذ في كلية الاقتصاد قال: قبل أن نتحدث عن الإصلاح الإداري من أين يبدأ يجب الحديث عن ماهية الاصلاح الإداري بشكل عام وما هي أهدفه و مجالات الإصلاح الإداري موضحا أن الإصلاح الإداري هو عملية سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية ادارية الغاية منها احداث تغيير في سلوك الأفراد والنظم والاليات والإجراءات وفي الأساليب والأدوات , بهدف تنمية قدرة الجهاز الإداري وكفاءاته من أجل الوصول الى كفاءة وفعالية عالية موضحا ان هذا الأمر يتطلب منا أولا وقبل كل شي معرفة ما هو هدف الإصلاح الإداري حيث يجب تحسين عمل الجهاز الإداري و تحسين الإجراءات خاصة أن إجراءاتنا كلها روتينية معقدة بقدر كبير والأمر الاخر تحديد النفقات ومكافحة الفساد والى اخر ما هنالك من أهداف للاصلاح الإداري وأضاف :ومن وجهة نظري أن عملية الإصلاح لا تأتي بالعفوية بل هي عملية مخططة ومنظمة وهادفة وكاملة وشاملة ومستمرة لأنه ليس بالإمكان إجراء إصلاح بمؤسسة ما دون القطاع الذي تتبع له , ولا يمكن إجراء إصلاح بقطاع معين دون إجراء إصلاح إقتصادي بشكل كامل .‏

وأكد د. ناصر أنه لا بد من الاستمرارية والشمولية في عملية الاصلاح بالإضافة الى أنه يجب أن يكون مخططا وجماعيا مبينا أن السيد الرئيس بشار الأسد كانت نظريته تقوم على الشفافية والإصلاح والتطوير غير أنه للأسف فالحكومات المتعاقبة لم تأخذ بهذه النظرية وكانوا يعتبرونها شعارا ولم يطبقوا منها أي شي وكانوا يتسترون وراء عملية الإصلاح الإداري مشيرا إلى أنه لا يمكن لأي شخص في العالم أن يتحدث عن السيد الرئيس إلا ويقول أن فكره متقد ونير غير أنه لم يطبق بشكل صحيح وجماعي وبالتالي لا بد من التعاون في عملية الإصلاح الإداري .‏

وبرأي د.ناصر أن الإصلاح يجب أن يكون إصلاحا في سلوك الإنسان وأن سلوك الإنسان لن يصلح إلا من خلال إعتبارين هما , اليات التعيين نظرا لأن التعيين الخاطئ يؤدي الى ممارسات خاطئة,وبالتالي عندما نختار مدراء ووزراء وإداريين غير أكفاء يؤدي ذلك الى الويلات والأمر الاخر الذي يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار هو المساءلة ,لأن هذا المبدأ ليس مبدأ إنسانيا فقط وإنما مبدأ كوني وإلهي وبالتالي يجب ان نسأل ونحاسب الناس التي أوصلت الجهاز الإداري والإدارة الحالية الى حالة مترهلة وغير مبالية وإن الإصلاح لا يتم فقط بالفرد وإنما بالأفراد والنظم والإجراءات والتشريعات وبالتالي فهو مرتبط بكل هذه الأمور مشيرا إلى أن الإصلاح لا بد أن يكون شمولياً يبدأ من الفرد الى المؤسسة الى القطاع الى الإقتصاد الوطني مؤكدا ان الإصلاح الإداري لا يتم بالإملاءات لأنه عندما يوجد إملاءات وسيطرة لإدارة لجهة معينة على جهة قائمة لن يكون هناك إصلاح وبالتالي يجب أن يكون الإصلاح متوازنا وحقيقيا وشاملا....‏

**‏

عباس : وضع الرجل المناسـب في المكان المناسب‏

من جهته الدكتور حيدر أحمد عباس الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق قدم مقترحا للاصلاح الاداري من خلال تطبيق التقنيات المعلوماتية حيث قال :إن أهم مفاصل الإصلاح الإداري يكمن في إحسان انتقاء الإداريين بمعنى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. ونعتبر أن الخطوات التطبيقية لتحقيق منهجية الاختيار السليم للإداريين تتسلسل وفق الترتيب التالي:أولا: تحديد المعايير المطلوبة نظريا.‏

ثانيا: تحويل المعايير إلى نقاط وبنود.وثالثا: الاختيار باستخدام النظام البرمجي.ورابعا: الانتقاء من بين المراتب الأولى.وخامسا: إعادة التقييم للشخصيات الإدارية وتعديل المعايير الانطلاقية بناء على المعطيات المحصلة.‏

وبين ان الكثير من طرق اختيار المدراء ورؤساء المؤسسات تجري بطرق بدائية حيث جرت العادة بأن يتم الترشيح من قبل شخص محدد لأشخاص محددين ومحدودي العدد، وهذا النوع من الترشيح قد يخضع للأهواء والمصالح الشخصية وأحيانا لظروف وملابسات غير نزيهة. ونعتبر أنه يمكن القيام بإجراء عمليات الترشيح برمجيا عبر قاعدة بيانات يتم فيها توفير كافة المعلومات والمعطيات المتعلقة بالمرشحين المحتملين وبالتالي يمكن التخلص من مشكلة إقحام العوامل الشخصية والانحيازات للمصالح والمنفعة الخاصة في عمليات التعيين.‏

وطرح وجهة نظر أولية لتحديد معايير الانتقاء بين الأكفاء للمناصب الإدارية الحكومية، واعتبر أنه يمكن لأي جهة قيادية أن تتبناها أو تأخذ معظم مقتضياتها بعين الاعتبار مع إجراء التعديلات المتوافقة مع خصوصية عمل المنظمة وبنيتها القانونية والتقنية الفنية.وتضمن عدة معايير :المعيار الأول: وهو معيار الولاء الوطني وهو الشرط اللازم، وعدم تحققه لدى شخص معين يعني عدم الحاجة لمدارسة أي عوامل أخرى، ولولا أهمية هذا العامل لكان بالإمكان استيراد خبراء أجانب لتولي المناصب.‏

والمعيار الثاني: السيرة الحميدة فيمكن تقييمه عبر استقصاء سيرة المرشح وسلوكيته العامة الاجتماعية والوظيفية والمقصود أن تكون سيرة المرء تتميز بالمثل الحميدة كالنزاهة في المعاملة مع الزملاء والطلاب والمحيطين.‏

والنزاهة لا يمكن قياسها بأي معايير سوى بالاستقراء من السيرة العامة للشخص.‏

وبين ان عملية تقصي مدى تحقيق الشخص لمتطلبات هذا المعيار ممكنة عن طريق تقصي سيرته وتعامله مع المحيطين به في مجال عمله. وتقصي سيرة شخص معين ليست مسألة عسيرة فالمرء الذي لا يتصف بالأمانة يكون كذلك مع عامة الناس ولا يؤخذ تقييمه من حالة واحدة. والموصوف بالتحيز يكون معروفا من محيطه وربما اشتهر أمره إلى خارج محيطه. ولا بد لمن يؤتمن على أموال ومصائر الشعب من أن يحقق الأمانة والنزاهة. إن كل شخص تمر عليه أثناء عمله حالات ووقائع روتينية أو خاصة، ويمكن استشفاف إدارته عن طريق ملاحظة كيفية معالجته لها. فيمكن الاعتماد على تحليل المعاملات التي يوقعها والقرارات التي يتخذها وتفحص مدى توخيه العدالة ومدى التزامه بالأمانة.‏

والمعيار الثالث: وهي مسألة الكفاءة العلمية والخبراتية والتي ينبغي أن توضع محل بحث وتمحيص، حيث ينبغي الاطلاع على منجزات هذا المرشح العلمية ومدى واقعيته وآليات تحليله للمشاكل وغير ذلك. ولا نوافق على أن الأكاديميين هم منظرون لا يجيدون سوى التنظير، بل على العكس تماما ما من حركة ولا مشروع حضاري إلا وقد كان منطلقه من العلماء .‏

وأشار إلى أنه يلزم لتطبيق مقترح انتقاء الإداريين بالأتمتة أن يتم إعداد قواعد البيانات الإلكترونية لمؤهلات الكوادر البشرية المرشحة.لافتا الى ان هذه المرحلة تتميز بلزوم الدقة والحجة للتعديل المتواكب مع كل تعديل طرأ على المعايير المحددة في البند السابق. ومن أجل تبويب الخصائص التي يتمتع بها كل عنصر من المرشحين يمكن إنشاء استمارة إحصائية تتضمن المعايير المحددة قياديا بشكل مفصل. ويمكن تعبئة مثل هذه الاستمارة لعدد كبير من المرشحين وجعل البنود المدرجة فيها كبيرا إلى حد كاف بحيث يمكن استشفاف كل حيثية مهما دقت وبعد جمع البيانات يمكن عرضها على الحاسوب وانتقاء المرشح الأكثر ملاءمة للموقع المطلوب (ليس من الضروري اختيار الشخص الذي أحرز المرتبة الأولى في مثل هذا التقييم، بل إن هذه النتيجة هي مجرد رأي ترجيحي لإفادة الجهة القيادية، ولا مانع بالطبع من اختيار الشخص الذي أحرز المرتبة الأولى).‏

وأوضح أنه يمكن حل مشكلة تعيين الإداريين بطريقة ميسرة وذات مصداقية مرضية لجميع الأطراف المعنية، واعتبر أن المنهجية السليمة لاختيار الفعاليات الهامة في المناصب الحكومية ينبغي أن تتم عبر الخطوات التالية:وهي تشكيل قاعدة بيانات تتضمن كل ما يتعلق بالمرشحين بدءا من انطلاقتهم المهنية والعلمية لغاية اللحظة الراهنة (تجدد دورياً)، وهذه مسألة من أبسط حالات استخدام التقانة المعلوماتية ولا يصعب تطبيقها.‏

ومدارسة معطيات قاعدة البيانات المتوفرة وفقا للنقاط التي حققها المرشحون وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المنصب المنظور. مع الأخذ بعين الاعتبار إعداد أسس التثقيل بالنقاط . وبالطبع فإن المرء هنا قد يحقق علامة مرتفعة عند الترشح لإدارة مصرف إذا كان اختصاصه محاسبة، لكنه يحقق علامة منخفضة عند الترشح لإدارة هيئة إحصائية مثلا.‏

ومراعاة أسس الترجيح المعدة من قبل الجهة القيادية لتفضيل شخصية معينة من بين الترشيحات المختلفة. وبناء عليه يمكن تحديد مجموعة من الأشخاص المناسبين للمنصب المنظور بالاعتماد على المعطيات المتوفرة. وكذلك إذا كانت جميع الشخصيات المناسبة موافقة على المنصب فيمكن طرح الأسماء للانتخاب من قبل البنية القاعدية، وحيث أن التفاوت بين المؤهلين للقيام بالمهمة المطلوبة لا يكون كبيرا ولا جوهريا فعلى الأغلب عندئذ لن تكون هناك حاجة لإجراء انتخاب. علما أنني لا أحبذ فكرة الانتخاب من قبل البنية القاعدية الواسعة وإنما أعتبر أن الأسلوب الأسلم هو أن تتداول الجهة القيادية الرأي وجها لوجه مع المرشحين أنفسهم وبنتيجة التشاور يتم اختيار الأنسب.‏

وختم الدكتور عباس اقتراحه بالقول بأنه يعتبر عند تطبيق هذه المنهجية إن دور التدخلات السلبية يتلاشى تدريجيا لسببين الأول: لأن دوره ضعيف وسيتم الاقتناع بقلة جدواه مع الزمن، وثانيا: لأنه عندما يكون المرشحون هم بالأصل مجموعة من الأكفاء، فإن الأكفاء عادة لا يلجؤون إلى الأساليب غير اللائقة. وحتى لو تم التعيين عشوائيا لشخص من بين هؤلاء الأكفاء فإن طريقة التعيين مقبولة.‏

وفاء فرج‏

*** *** ***‏

معايير اختيار الإدارات‏

قاسم: الاستقلالية واعتماد الكفاءة والمحاسبة على النتائج‏

ترتبط عملية الاصلاح الاقتصادية بعملية الاصلاح الاداري بشكل وثيق حيث ان الكثير من عمليات الفساد يقف وراءها عدد من الادارات بمستوياتها المختلفة بشكل مباشر من خلال التلاعب بالقرارات وتشكيل لجان المناقصات والاستلام وغيرها وصياغة العقود وفق المصالح الخاصة وليس على اساس المصلحة العامة ، او بشكل غير مباشر من خلال ضعف الكفاءة والخبرة وعدم القدرة على اتخاذ قرار مناسب.‏

ورغم اتباع ثلاثة انماط من الادارة بالقطاع العام الا انها لم تستطع ان تحقق اصلاحاً ادارياً بحجم المطلوب وهذه الانماط هي النمط التقليدي صلاحية المدير العام ونمط الادارة بالاهداف وفق مصلحة الشركة ونمط مجلس الادارة واشراك عدد من غير العاملين فيها.‏

ولم يساهم المعهد الوطني للادارة العامة بشكل فعال بعملية الاصلاح الاداري وانما تمثل بتخريج بعض المدراء الذين يعدون على الاصابع وشكلوا فعالية حقيقية فيما لاتزال الادارات والحديث عن اصلاحها مثار جدل واسع وحديث ساخن للمواطن والحكومة.‏

غياب مفاهيم الكفاءة والربحية‏

الدكتور عبد الرزاق قاسم استاذ الاقتصاد بجامعة دمشق قال ان الهدف من القطاع العام يلعب دوراً مهماً في طريقة ادارته حيث ينطلق من الرؤية الاستراتيجية والسياسية للدولة ونظرتها للقطاع العام وعندما يكون الهدف من القطاع العام تلبية الاحتياجات الاساسية للمواطنين فإن هذا القطاع يدار على هذا الاساس وهنا تغيب مفاهيم الربحية والكفاءة وتبقى معايير تنفيذ الخطة وكمية الانتاج المعتمدة في تقييم اداء القطاع العام وفي مثل هذه الحالة تصبح قضية العمالة والتشغيل ذات مبررات اجتماعية اكثر من المبررات الاقتصادية ويشترط حتى يدار القطاع العام وفق هذه الالية توفر فوائض اقتصادية لدى القطاعات الاخرى كي تتمكن الدولة من سد العجز الذي ينجم من ادارة القطاع العام وفق تلك الرؤية اما في مراحل لاحقة فيجب ان يحدث تحول في اداء القطاع بحيث يجب ان يدار بآليات مختلفة ويعمل في ظل معايير قاسية جدا للريعية والكفاءة.‏

وحسب د0 قاسم فإن ادارة القطاع العام تعاني من ازمة تتمثل اهم مظاهرها في ارتفاع تكاليف انجاز الاعمال وعدم كفاءة القرارات الادارية المركزية والخلل في الهياكل الادارية وعدم وجود آليات للمساءلة والمحاسبة.‏

وان الاحساس بأزمة القطاع العام والرغبة السياسية بالاصلاح شرطان اساسيان وضروريان ولكن غير كافيين اذ لابد من توفر الارادة والسلطة لتطبيق الاصلاح علما ان هناك مجموعة من العوامل المؤثرة على عملية الاصلاح الاداري والتي تؤدي نتيجة التأثير المتفاعل اما الى بطء أو تسريع عملية الاصلاح واهم هذه العوامل:‏

اولاً- المواطنون بشكل عام والذين يتحملون ويعيشون تحت وطأة ازمات القطاع العام ولايملكون القدرة لتسريع الاصلاحات وتطبيقها.‏

ثانيا- السياسيون والمسؤولون عن القطاع العام وهؤلاء ينقسمون بين مؤيديين لعملية الاصلاح وداعمين لها وبين معارضين ومقاومين لعملية الاصلاح نتيجة مصالحهم المرتبطة بالوضع المالي للقطاع العام.‏

ثالثا- رأس المال الوطني والاجنبي الذي يرى قسم منه ان عملية الاصلاح سوف تساهم بتخفيض التكاليف وتسريع الاجراءات نتيجة هذه العوامل تبرز ضرورة الاصلاح الاداري للقطاع العام.‏

انتشار الروتين والتجاوزات‏

ومن محاولات تطوير عمل القطاع العام طرح شعار الادارة بالاهداف ويرى د0 قاسم ان هذه المبادرات كانت تصطدم بمجموعة من العوائق اولها طرق اختيار الادارة مرورا بالطرق المعقدة والطويلة في عملية اتخاذ القرارات نتيجة التشريعات والانظمة السائدة او التقاليد في ممارسة العمل الاداري مما ادى الى تعقيد طرق الاتصال ونشوء طرق الاتصال غير الربحية وهذا يؤدي بدوره الى نشوء الروتين وانتشار التجاوزات على الانظمة وغياب الاسس الموضوعية للمحاسبة على نتائج الاعمال نتيجة فقدان الاسس الربحية لتحديد المسؤوليات كما نص القانون رقم /2/ على ضرورة تضمين محاسبة الادارات للمؤسسات والشركات العامة بعض الاشخاص المستقلين من خارج العاملين بالمؤسسة وحدد القانون مهمة مجالس الادارات بوضع الخطط وتقييم اداء الادارة التنفيذية ولكن التجربة من وجهة نظر الدكتور قاسم لم تعط النتائج المرجوة منها .‏

وذلك لغياب الاليات الفعلية لتحقيق تلك الاهداف، فحتى يستطيع مجلس الادارة محاسبة الادارة التنفيذية على اعمالها يجب ان يكون له سلطة العقاب والثواب وهذا غائب تماما في ظل التشريعات النافذة واصبح دور مجالس الادارة ينحصر بالموافقة على القرارات التي ترغب الادارة التنفيذية باحالتها الى مجالس الادارة وهي على الاغلب قرارات لاترغب الادارة التنفيذية بتحمل مسؤوليتها.‏

كما ان التشريعات والممارسات السائدة تفتقر الى وجود آليات تتضمن تدفق البيانات والمعلومات الى مجلس الادارة بشكل مستقل عن الادارة التنفيذية حيث ان الموضوعات التي تعرض على اجتماعات مجلس الادارة هي تلك التي يتم احالتها من قبل المدير العام وبالتالي لاتوجد اية قنوات اتصال لمجلس الادارة مستقلة عن الادارة التنفيذية وهذا يشكل عائقا امام مجلس الادارة.‏

ويؤكد الدكتور قاسم اخيرا ان القضية باختصار هي قضية استقلالية الادارة حيث يجب ان يتم اختيار الادارة على اساس الكفاءة وليس على اساس الولاء والبحث عن الكفاءات الادارية المتميزة وتعديل آليات صنع القرارات من خلال منحها السلطات التامة للجهات الادارية المباشرة على مستوى الشركة والمؤسسة وعدم التدخل في اعمال هذه الشركات والمؤسسات وتجاوز الروتين والطرق الطويلة في صناعة القرارات والمحاسبة عن اساس النتائج النهائية هي خطوات لابد منها في عملية الاصلاح.‏

عبد اللطيف يونس‏

*** *** ***‏

من لجنة أولية إلى لجان عليا.. الإصلاح الإداري هل يتحول إلى عقيدة إصلاحية ؟‏

دلـة: قدمنا الرؤى والطروحات المطلوبة والأهـم القبـول بدفـع فاتورة الإصـلاح‏

في كل منعطف إصلاحي تبرز العديد من الرؤى والتصورات الجديدة في الاتجاهات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتبدأ اللجان بصوغ الفرضيات التي يجب أن يستند عليها هذا الاصلاح، ويلمس كل من يتابع بريق هذه التوجهات وحتى الأفكار التي يتم طرحها، لكن سرعان ما يصطدم ذلك الاندفاع بتناقضات الواقع الذي يشكل الارض التي يجب أن يتجلى عليها هذا الاصلاح.‏

معادل موضوعي‏

وها هو الاصلاح الاداري الذي يعتبر البوصلة والمركز الذي تدور حوله كل التوجهات الاصلاحية، لكنه رغم ذلك بقي أسير المحسوبيات وسيطرة طبقة من الانتهازيين ولم نشهد الاصلاح الاداري المنشود، لأنه بالفعل العامل الحاسم الذي يلغي الضبابية وعدم الوضوع في كل مفاصل ومراتب العمل وكأنه الإصلاح الذي يعتبر المعادل الموضوعي لمكافحة آفة الفساد.‏

اليوم وفي ظل الحالة الاصلاحية الحالية فان لجنة الاصلاح الاداري كانت أحد لجان الاصلاح المكونة لعملية الاصلاح بكل أشكاله وهي كما بين رئيسها عميد المعهد العالي للمعهد الوطني للإدارة العامة الدكتور سام دلة قال قدمت العديد من التوجهات الاصلاحية في المجال الاداري.‏

لجنة وزارية عليا‏

يقول دلة عن لجنة الاصلاح «ان رئاسة مجلس الوزراء شكلت لجنة وزارية للإشراف على مشروع الاصلاح الاداري المتمخض عن التقرير الذي اعدته لجنة الاصلاح الاداري.‏

وهذه اللجنة العليا برئاسة وزير الاتصالات والتقانة الدكتور عماد صابوني وعضوية خمسة وزراء والامين العام لرئاسة مجلس الوزراء ورئيس لجنة الاصلاح الاداري».‏

وكشف دلة الى ان بعض توصيات لجنة الاصلاح الاداري قد تم الاخذ بها أثناء اعداد قانون الادارة المحلية الجديد.‏

مطلب اقتصادي واجتماعي‏

بطبيعة الحال لا يمكن الحديث عن الاصلاح الاداري دون الدخول بالعمق في مكافحة الفساد، الذي أصبح مطلباً اقتصادياً واجتماعياً وفي ذلك يوضح دلة «كما هو معروف كان هناك لجنة اخرى لمكافحة الفساد، وهذه اللجنة انجزت مشروعا لمكافحة الفساد، وقد تم عقد عدة اجتماعات بين رئيسي لجنة الاصلاح الاداري ولجنة مكافحة الفساد بالإضافة الى لجنة وزارية مكلفة بهذا الموضوع وبناء على ذلك تم انجاز مشروع قانون لهيئة مكافحة الفساد وقد تم عرضه على رئاسة مجلس الوزراء، إضافة الى مشروع قانون آخر للكسب غير المشروع».‏

مفتشيات عامة‏

ضمن ثنايا المشاريع السابقة كشف دلة ان هناك توجها الى إحداث مفتشيات عامة داخل الوزارات وقد تم بلورة الموضوع على شكل مشروع قانون ايضا، وقد أرسل هذا المشروع الى اللجنة الوزارية العليا والى لجنة مكافحة الفساد من اجل الدراسة ومن المتوقع ان تصدر حزمة قوانين مرتبطة بمكافحة الفساد وهي تحوي قانون مكافحة الفساد وهيئة لمكافحة الفساد، وإقرار قانون الذمة المالية مع إعادة النظر بقانون الجهاز المركزي للرقابة المالية وبطبيعة الحال ستعيد هذه القوانين عند صدورها النظر بالمشهد الرقابي على الادارة الحكومية.‏

تكامل أم تعارض!!‏

لكن المتابع يلاحظ ان هناك تداخلا او تعارضا بين المشاريع الاصلاحية السابقة المرتبطة بمكافحة الفساد وفي ذلك يوضح دلة بأنه «سيتم إعادة النظر بالهيئة المركزية للرقابة والتفتيش كي لا يكون هناك ازدواجية بالرقابة ومن المتوقع ان تحل هيئة مكافحة الفساد مكان الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، لكن بوظائف اخرى وبطريقة عمل مختلفة وهناك بعض الاختصاصات ستنتقل الى ما سيسمى المفتشيات ضمن الوزارات، وبالتكامل مع الجهاز المركزي للرقابة المالية، الذي ستعاد له بعض الصلاحيات عندما كان ديواناً للمحاسبات وسيعطى هذا الجهاز طابعا قضائيا وسيعاد ارتباطه بمجلس الشعب باعتباره الاداة الرقابية على تنفيذ الموازنة العامة للدولة، باعتبار ان الحكومة هي من تعد وتنفذ الموازنة العامة ويوافق عليها مجلس الشعب لكن الوسيلة للرقابة على الموازنة هو هذا الجهاز الذي كان يسمى سابقا ديوان المحاسبات وكان مرتبطا بمجلس النواب، وهو الأداة المساعدة لمجلس النواب لمعرفة كيف يتم انفاق الموازنة لأن المطلوب ان تنتقل رقابة الجهاز الأساسية الى كفاءة الانفاق العام من خلال كيف يتم الإنفاق العام؟ وما العوائد التنموية لهذا الإنفاق؟»‏

الوظيفة العامة‏

وبين دلة ان العمل قائم لإنشاء هيئة او وزارة للوظيفة العامة لإدارة الموارد البشرية والعمل على إعادة الهيكلة العامة للإدارة الحكومية مثل دمج الوزارات ، والمقترح بأنه لدينا مجموعة كبيرة من الوزارات والتي من الممكن دمجها، لتخفيف الانفاق العام ، وزيادة كفاءة عمل هذه الوزارات والجهات والتنسيق فيما بينها.‏

ومن المقترحات في الهيكلية الجديدة هو العودة الى الامانة العامة في كل وزارة ليكون هناك منصب الامين العام بدل مناصب معاوني الوزراء للفصل بين الجانبين السياسي الذي يمارسه الوزير والإداري الذي يمارسه الامين العام ليتفرغ الوزراء الى السياسات والاستراتيجيات بدلا من الانغماس بالاعمال اليومية.‏

وعن الحكومة الالكترونية بين دلة ان هناك عددا من الخطوات التي انجزت اضافة الى تأهيل وتدريب الكوادر وموضوع إعادة النظر بالوظيفة العامة «قانون العاملين في الدولة» نحو مفهوم حديث يعتمد على التعاقدية اكثر من المسار الوظيفي التقليدي.‏

التوصيف صلب العمل‏

واعتبر دلة ان موضوع التوصيف الوظيفي لا يحتاج الى عملية اصلاحية وهذه قضية محسومة وأي عمل يبدأ بعملية التوصيف الوظيفي والأهم من ذلك ان يوجه الرئيس المباشر في العمل رسالة الى الموظف الجديد عن ماهية مهامه وما هي حدوده،لكن الاهم من ذلك - إضافة الى ذلك - ربط هذا الموظف بموضوع التسعير الوظيفي ان صح التعبير وقد يكون ذلك مستغربا في سورية ، لكن هناك التسعير الوظيفي اي هنا لكل شخص وظيفة و أجر محدد لهذه الوظيفة اذ لا يمكن الاتيان بشخص اعلى من هذه الوظيفة لأنه لن يعمل بكفاءة اعلى من هذه الوظيفة لذلك لا بد من اعادة النظر بهيكل الرواتب والاجور ولا يرتبط العمل بالشهادات فقط بل بالمهارات التي حصل عليها هذا الشخص ونظامنا الوظيفي يقوم اليوم على القدم الوظيفي في تحديد الأجر (الشهادة والقدم) بغض النظر عن المهارة التي اكتسبها الفرد وهذا أمر محبط، وهذا ما كان يدرس سابقاً بما يسمى المراتب الوظيفية، أي نعود إلى المراتب الوظيفية مع إضافة ما هو مطبق في العالم إضافة إلى تقييم الآداء.‏

ولفت دلة إلى موضوع آخر لا يقل أهمية وهو تبسيط الإجراءات وإلغاء كل الحلقات التي لا تقدم قيمة مضافة ونحن في لجنة الإصلاح الإداري وضعنا صورة متكاملة لسلة الإصلاح تلك.‏

الشيطان في التفاصيل‏

يقول دلة وضعنا خطوطا أساسية لعملية الإصلاح وبالطبع نحن غير قادرين على الدخول إلى كل المؤسسات وليس هذا عملنا بل ما هو مطلوب منا هو رأي استشاري في هذا الاتجاه، لكن أي عملية إصلاح لابد لها من فرق عمل تكون على دراية بمنهجية العمل ولتجسد ذلك إلى واقع عملي.‏

وهذا يتطلب إرادة سياسية، وهي متوفرة، لكن الأهم من ذلك يحتاج إلى تكلفة مالية للخبراء، وعندما نقول خبراء فهذا لا يعني الطريقة التي عملنا بها سابقاً، أي الإتيان بأشخاص «بالمونة» لكن لابد من دفع أجور هؤلاء الخبراء، وإلا لن يعملوا و «بالمونة» نعمل مرة أو مرتين، لكن ذلك لا يؤمن الاستمرارية.‏

المقتل بالتراجع‏

والأهم من ذلك عندما نقتنع بهذه الإجراءات ألا نتراجع، لأن مقتل الإصلاح بالتراجع، ومشكلتنا نبدأ الخطوات ونصل إلى 70٪ ونتراجع، ويضاف إلى ذلك ترابط الخطوات الإصلاحية المذكورة سابقاً والأمر ليس خياراً بل كل متكامل، وكالوصفة الدوائية المتكاملة، والوصفة الإدارية متكاملة أيضاً.‏

لذلك لابد من القبول بدفع فاتورة الإصلاح سواء للخبراء أو التكلفة للأشخاص الذين سيخرجون من هذا النظام الإداري، إضافة إلى أن هناك هياكل إدارية سوف تهدم وللأسف نحن نبني هياكل وظيفية على مقاس أشخاص محددين ولا إصلاح في الاعتبارات الشخصية والذاتية.‏

وقد تم تحديد ما هو المطلوب من الإصلاح الإداري وما هي مبررات الحاجة إلى الإصلاح الإداري، وتم تحديد أيضاً المقاربات المختلفة لعملية الإصلاح الإداري.‏

ستة محاور‏

وعلى هذا الأساس توصلنا إلى ستة محاور أساسية - يقول دلة - لابد أن نبدأ بها في الإصلاح الإداري المنشود وهي إعادة النظر بهيكلية الإدارة الحكومية فيما يتعلق بالموارد البشرية وإدارة الإنفاق العام، كيف ندير المال العام، الذي هو أساس عملية الإصلاح؟‏

أما المحور الثالث فمرتبط بكيفية تقديم الخدمات الحكومية وخصوصاً موضوع الحكومة الالكترونية.‏

والنقطة الأخيرة متعلقة بأخلاقيات الإدارة الحكومية أي كيف نحصل على إدارة حكومية أكثر أخلاقية وبالتالي هناك موضوع الرقابة ومكافحة الفساد.‏

وفصل الدكتور دلة بأنه في كل محور من هذه المحاور وضعنا عدداً من الخطوات العملية، وتم تجميعها في جدول يدلل ويوضح هذه الخطة وكيف يمكن المباشرة بها وفي كل خطوة - من الخطوات الثلاثين - هي إجراءات الحد الأدنى للانطلاق بعملية الإصلاح الإداري، وفي كل خطوة حددنا ما هو الإجراء المطلوب أي هل أحتاج إلى قانون؟ أم قرار أم مرسوم أم إلى الخبرة، وما هي مقومات هذا الإجراء وعلى ماذا يرتكز وثم تحديد ذلك بشكل مفصل وما هو ارتباط هذا الإجراء بكل محور من محاور الإصلاح الإداري؟ والمدة الزمنية المطلوبة لذلك.‏

وكما هو معروف عرض الموضوع على مجلس الوزراء وتمت مناقشته في جلسة خصصت لهذا الغرض، وقد حضرت بصفتي رئيساً للجنة الإصلاح الإداري هذا الاجتماع وقد وافق مجلس الوزراء على المشروع المقدم.‏

morshed.69@hotmail.com ‏

*** ***‏

تحديات ومتطلبات..‏

عنبر: الرقابة من لحظة التخطيط للمشاريع وليس عند الحصول على النتائج‏

المهندس محمود عنبر وهو احد أعضاء لجنة الإصلاح الإداري ونائب رئيس الفريق التنفيذي لمشروع الحكومة الالكترونية أوضح قائلا : إن ما تم تسليمه من برنامج الإصلاح الإداري يوازي 30 بندا ونستطيع القول حاليا هناك ما تحرك منها وآخر لم يزل ينتظر والاقتراح الذي يتضمن إلغاء الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش يكمن برأينا أنه أصبح هناك هيئة مختصة بمكافحة الفساد وبات القانون الخاص بها موجودا قيد الانجاز.‏

ووفقا للواقع الذي وصلنا إليه فان إلغاء الهيئة قد يحدث فجوة رقابية يحاول الجهاز المركزي للرقابة المالية إن يتصدى لها ويحل مكان بعض مهام الهيئة المركزية بينما تركز اللجنة في عملها على أن تذهب صلاحيات الرقابة على الأداء إلى الوزارات وحسب رأينا أيضا إن الرقابة تكون على الإجراءات أو النتائج وليس على القرارات الصادرة عن هذه الوزارة أو تلك بل الرقابة يجب إن تتركز على الأداء الناجم عن هذه القرارات وتلك مسؤولية الوزارة نفسها وان يتم ممارسة الرقابة الذاتية وعلينا إن نعطي هذا الهامش للوزارات وان تمارس الرقابة الذاتية والمباشرة منذ لحظة التخطيط للمشاريع وليس حتى الحصول على النتائج وتلك العقبة الأساسية التي تقف أمام إطلاق مسيرة الإصلاح الإداري بشكل عام وهذه مسؤولية الإدارات نفسها دون الحاجة لان تنتظر الإدارة المعنية مفتش ما لتقييم أدائها وخاصة ان يأتي هذا التقييم بعد سنوات على الإجراء المذكور وبالتالي قد لا يصل إلى النتيجة المرجوة.‏

فك القيد عن الإدارة الحكومية‏

وأضاف إن هذا الإجراء يمكن تفعيله بشكل واضح من خلال فك القيد عن الإدارة الحكومية وأما المرحلة الثانية فهي تقضي بضرورة إجراء تغيير جذري لقانون العاملين الموحد بحيث ترتفع خلاله سقوف الرواتب والأجور وأيضا المكافآت وأيضا أهمية إجراء عقود مع خبراء من خارج القطاع الحكومي وهذا بدوره يسمح بتطعيم هذا القطاع بالخبرات التي تنقصه تلك الإجراءات أهم متطلبات تحقيق الإصلاح الإداري من وجهة نظر السيد عنبر وأضاف: أما من حيث التنظيم للبرامج والمشاريع لا بد هنا من إعادة النظر بطريقة الخطط السنوية والخمسية بحيث تصبح مرتبطة بالانجاز وفق الأهداف المحددة بالبرامج والمشاريع وليس عبر الإنفاق المالي وهذا بحد ذاته يغير من آلية مراقبة الأداء المعتمدة حاليا والتي تتركز على الشق المالي فقط.....!‏

وأشار السيد عنبر إلى أن تلك البنود التي لم يتم التصدي لها حتى الآن مع الإشارة إلى ملاحظة هامة تكمن في عدم التوقع من أي إدارة حكومية أن تضغط باتجاه تنفيذ تلك الإجراءات كونها الجهة التي ستدافع عن عدم التغيير كما سيكون هناك ممانعة للتغيير من قبل تلك الجهات نفسها وهذا ما لمسناه حتى الآن وبالتالي وأمام هكذا واقع لا بد من وجود جهة عليا بإمكانها إن تضغط بهدف إحداث تغيير حقيقي في عملية الإصلاح المطلوب إضافة إلى وضع آلية عمل تنفيذية وفنية للمتابعة تلك أهم احد المقترحات التي لم تر النور حتى الآن والمتعلق ببنية إدارة التغيير في عملية تطوير الإدارة الحكومية تلك الركائز الأساسية لإدارة التغيير والتي دونها ستكون كل الجهود المبذولة مشتتة وضائعة و لن نصل دونها إلى النتيجة المرجوة سواء من حيث كفاءة أو فعالية الإدارة الحكومية تلك وفق رأي السيد عنبر أهم المعوقات التي تمنع الانطلاق بعملية الإصلاح الإداري.‏

لا إصلاح دون حكومة الكترونية‏

وتطرق السيد عنبر أن لا يمكن تصور إصلاح إداري ناجح دون حكومة الكترونية ولهذا السبب يجب أن ينسجم العمل على المكونين معا وذلك بسبب الحجم الكبير للإدارة الحكومية من جهة وكبر العبء الملقى على عاتقها من معاملات وأعمال وإجراءات مما يجعل من استخدام التكنولوجيا لرفع كفاءة العمل امرأ حتميا ولا بد هنا من الإشارة إلى وجود بعض العقبات القائمة على تمويل مشاريع الحكومة الالكترونية ووجود بعض المشاريع الممولة أيضا رغم عدم وضوح الجدوى الخاصة بها وهذا حسب رأي السيد عنبر قد يعود أما إلى ضعف الخبرات أو نتيجة لفساد ما ...! وهذا ما يتم العمل عليه من خلال مراجعة المشاريع التي أقرت للعام 2012 بهدف التأكد من وجود جدوى واضحة لها كما يتم العمل للحصول على تمويل للمشاريع من خلال قروض ميسرة والدفع باتجاه إطلاق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي تم اعتماده في مختلف دول العالم عبر ترشيد الاستثمار الحكومي وجعل القطاع الخاص شريكا أساسيا في عملية التنمية.‏

وأضاف عنبر: إن عملية إدارة التغيير وصولا إلى ما يسمى الإصلاح الإداري المتكامل يتطلب اتخاذ بعض القرارات المرتبطة بالعقبات التي ذكرت آنفا وفي حال اتخاذ هذه القرارات تكون عملية الإصلاح الإداري قد وضعت على السكة السليمة وتبقى التفاصيل الفنية الخاصة بكل مشروع أو مبادرة على حده أما في حال عدم تحقيق تلك القرارات فيصبح أي عمل على باقي المحاور غير مجد.‏

وحول العلاقة القائمة بين مكافحة الفساد والإصلاح الإداري أجاب السيد عنبر : في جميع دول العالم هناك جهاز رقابي واحد باستثناء سورية لدينا جهازان رقابيان الأول يسمى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والثاني الجهاز المركزي للرقابة المالية إضافة إلى ذلك هناك مديريات للرقابة الداخلية في كل وزارة أضف إلى ذلك أيضا الجهات الرقابية الأخرى والمختصة بأمور معينة والمفارقة انه بالرغم من وجود كل تلك الأجهزة الرقابية نجد إن موضوع الفساد إلى تفاقم واضح وخاصة في السنوات الأخيرة حيث لم تثمر كل تلك الرقابات عن أي نتيجة والسبب يكمن في ان الرقابة زادت عن حدها مما أدى إلى مفعول عكسي فأصبح الفاسد متقنا لآليات عمل الرقابة وأيضا لكيفية التعامل معها بينما غير الفاسد بقي يخشى من آليات الرقابة مما أدى بالنهاية إلى ضعف في الأداء الحكومي كون الإدارات الحكومية أصبحت تدار من قبل المفتشين والمراقبين وغيرهم وليس من قبل المدراء المعنيين.‏

الفصل بين محاربة الفساد ومراقبة أداء الإدارات‏

ومن هنا أضاف السيد عنبر يجب إن يكون هناك فصل واضح بين محاربة الفساد ومكافحته وبين مراقبة أداء الإدارات الحكومية وعندما يظهر خلل أو شبهة فساد يتم تحويله مباشرة إلى القضاء المختص أما في الحالات التي يكتشف فيها خلل إداري فهذه يجب إن تعالج بالتعاون ما بين الجهاز الرقابي والإدارة الحكومية أما الأداء فهو مسؤولية الإدارة بما فيها الرقابة الداخلية الخاصة بها وبالتالي نحقق التوازن المطلوب ما بين تطوير الإدارة ومكافحة الفساد.‏

أمير سبور‏

*** ***‏

خضور: تحمل الإدارات مسؤولية اتخاذ القرارات‏

اكد الاقتصادي الدكتور رسلان خضور انه على القطاع العام الاقتصادي التصرف وفق معطيات ماتتطلبه المعايير الانتاجية وان يكون غير محكوم بالاجراءات البيروقراطية وغير خاضع للجهات الوصائية اي التعامل وفق معطيات السوق وايجاد مجالس ادارة تتمتع بكفاءة وخبرة قادرة على اخذ القرارات باستقلاليه ومرونة لانها بذلك نستطيع مواكبه السوق وتطوراته.‏

مضيفا ان المشكلة الاساسية في ادارة القطاع العام عدم وجود كوادر مؤهله وان اختيار الادارات بناء على الخبرة والمعرفة اساس في التطوير الاداري مشيرا الى ان تحمل الادارات المسؤولية في اتخاذ القرار ضرورة وعلى الادارات اخذ القرارات خصوصا ان القانون يمنح هذه الصلاحيات.‏

**‏

يوسف: تحرير الإدارة‏

وقال الاقتصادي الدكتور عمار يوسف التطوير الاداري مبدأ اساسي في تطوير الاقتصاد وفي تفعيل القطاعات الاقتصادية وعلى القطاع العام تغيير ذهنيته الاقتصادية الجامدة وغير المرنة المرتبطة بالروتين والبيروقراطية، مضيفا ان التطوير مبدأ من رأس الهرم الاداري من خلال اعطائه الحرية وتفويضه بالصلاحات اضافة لاختيار الاشخاص المؤهلين والجديرين بادارة القطاعات الاقتصادية القادرين على تعديل القانون وابداء الفعل بالقانون ( اي تحرير القانون) فالقانون وجد لتفعيل الادارة وتحريرها .‏

وأكد ان الاصلاح يبدأ بالفرد من خلال تأهيله فالمسألة مسألة اشخاص وان استاذ الادارة في العالم (هنري فايول) قد اوجد قاعدة وعلينا الاخذ بها حيث قال: خذوا وسائل الانتاج وخذوا مستلزمات الانتاج ورأس المال واتركوا لنا التنظيم والادارة وسوف نعيد كل شيء خلال سنة واحدة فالادارة اساس النجاح الاقتصادي.‏

**‏

ابراهيم : اعتماد مجالس الادارات زاد البيروقراطية‏

الاقتصادي الدكتور غسان محمود ابراهيم قال : ان واقع التطوير الاداري متعلق بتنظيم العمل والحكومة أهملت هذا التنظيم واعتمدت على التكنولوجيا والاستثمار مما ادى لمناقشة واقع التطوير الاداري بشكل معزول عن الواقع الاقتصادي ولم تؤخذ مشكلة التصدير الاداري في القطاع العام على محمل الجد وبقيت ضمن التنظير والامال، ولعل ماتعاني منه الادارات في القطاع العام هو الاستقلالية الاقتصادية فهل تدار المنشآت الاقتصادية الخاصة كما تدار العامة؟ طبعا لا فالتبعيه الادارية للجهات الوصائية تساهم في عرقلة التطوير الاداري وعلينا تخفيضها الى ادنى حد ممكن واطلاق يد الادارة فيما تراه مناسبا في تطوير المنشأة .‏

بالاضافة الى ضرورة المساواة بين النشاط الاقتصادي للمؤسسة والصرف منها والمرونة الادارية لان مسألة التسعير لمنتجات القطاع العام خاضعة للادارة غير المتحررة من القيود وبذلك هي فاقدة لدورها الاقتصادي والاداري .‏

وان اعتماد مجالس ادارة في المؤسسات زاد البيروقراطية وقيد العمل الاداري مما ادى الى تراجع في النشاط الاقتصادي مشيرا الى ان الازمة البنيوية للمنشآت الاقتصادية في القطاع العام ماتزال موجودة من حيث مجاراة السوق ...والهدف من وجودها مواكبة التطوير الاقتصادي وبذلك الادارة لايمكن تطويرها وفق الواقع الذي تعانيه مادامت لم تعالج الجوهر الاقتصادي لواقعها ولذلك التطوير الاداري يجب ان يسير جنبا الى جنب مع التطوير الاقتصادي ومعالجة مشكلات القطاع العام.‏

راميا غزال‏