Friday 1 March 2019

حول إلغاء ميزانية البحث العلمي في الوطن العربي


صرعونا هؤلاء المثقفين والدكاترة بما يسمى ميزانية البحث العلمي. وبأن دولة عادية تنفق أضعاف ما ينفق الوطن العربي كله على البحث العلمي.  والسؤال الذي تطرحه أية حكومة عربية هو: ما الحاجة لرصد أية ميزانية للبحث العلمي؟ فهي كانت ولا زالت تنظر للعلماء والدكاترة على أنهم عبء على الدولة وكل رواتبهم هي نفقات استهلاكية غير ذات مردود هكذا تنظر إليها اليوم وهكذا كانت تنظر إليها بالأمس وهذا ما تتبناه وتروجه منذ عقود، فتعالوا لنحلل ذلك في ضوء الواقع والمعلومات:
عندما تكون محاصرا من جلاوزة السياسة لا يمكنك أن تكتب أي بحث علمي حقيقي إلا بمراعاة منظر السوط والبوط.
وعندما تكون محاطا بجلاوزة الدين فلا يمكنك أن تكتب شيئا تطويريا إلا بمراعاة منظر السيف الذي يقطر دما وينتظر التروي من عنقك.
وعندما تكون محاطا بجلاوزة عصور الكبت والقهر والذل لا يمكنك أن تكتب شيئا إلا بمراعاة منظر القوقعة الصدئة التي تغلف رأس كل شخص يحيط بك ابتداء من الذي سيقيم البحث وانتهاء بالذي سيقرؤوه مرورا بالذي سيسخر منه لأنه لا يصب في بوتقة دغدغة جراثيم القوقعة الصدئة ولا في تمجيد السلطان ولا في تكريس الأخابيل الدينية.
عندما لا تكون قادرا على أن تتدبر لقمة العيش فالأولى بك أن تفكر بإعالة نفسك قبل أن تفكر بالبحث العلمي.  
عندما تكون عاجزا عن تلبية احتياجاتك من الكهرباء ومحجوبا عن التواصل الخارجي كأي سجين في كهف معظم الوقت فأنى لك أن تنجز شيئا ذا قيمة. 
عندما يكون تدبر قنينة غاز يستغرق منك عدة أيام وعندما يكون تدبر المازوت للتدفئة يشكل قضية سنوية وحلها يشكل إنجازا خارقا (إن تدبرت المال اللازم أصلا).
عندما تكون في الوطن العربي فإنهم يضيعون عمرك في مكافحة الازمات فلن يكون لك وقت لإنجاز ما يسمى في الغرب: "البحث العلمي"
لذلك أي مبلغ يرصد للبحث العلمي إنما هو بنظرهم هدر في غير مكانه لأناس لن يشتغلوا به لأنهم أصلا مشغولون حتى الرقبة بمشاغل أخرى وبالتالي يعتبرون أنه من الأفضل أن يتم وضعها في أي بنك من البنود الأوربية عسى ولعل أن يستفيد منها عند غدرات الزمان ولن يستفيد منها لأن الحاكم بعد سقوطه لا يستطيع المطالبة بشيء ويكون كل همه أن ينقذه أصحاب القرار في الغرب من المصير المشؤوم.