Friday 19 February 2016

استلام الحوالات بالليرة خسارة وخطأ اقتصادي كبير

التحويلات المالية الخارجية تفوق عمليات المركزي التدخلية.. استاذ جامعي: استلام الحوالات بالليرة خسارة وخطأ اقتصادي كبير  الأربعاء 28/08/2013
 التحويلات المالية الخارجية تفوق عمليات المركزي التدخلية.. استاذ جامعي: استلام الحوالات بالليرة خسارة وخطأ اقتصادي كبير

أوضح الدكتور " حيدر عباس " استاذا في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق إلى أهمية تحديد الطريقة الأفضل لاستلام التحويلات المالية من الخارج للداخل السوري تكمن في أن التحويلات تبلغ حجماً مهماً من الاقتصاد الوطني، أنها مبلغ لا يستهان به، أنها نحو مليار دولار، فهي تفوق عمليات التدخل التي قام بها المصرف المركزي بهدف وقف انخفاض وتعزيز قيمة الليرة.

يزيد من أهميتها الوضع الراهن حيث إن الداخل السوري يعاني من مشكلة ارتفاع سعر القطع الأجنبي، بسبب أن الداخل هو بأمس الحاجة لتأمين العملة الصعبة. بناء عليه يجب اتخاذ كل إجراء يساهم في إدخال أية كمية من القطع الأجنبي إلى داخل البلد.

ووفقا لصحيفة " الوطن " السورية فقد أشار " الدكتور عباس " إلى أن استلام التحويلات بالعملة السورية هو خطأ اقتصادي كبير، وهي خسارة كبيرة يتعرض لها المواطن السوري عندما يستلم التحويلات بالعملة السورية، بل ينبغي أن يستلمها بصفتها التي أرسلت وفقها. هذا هو الحق والمنطق، فإن شاء المواطن السوري داخل سورية فليحولها لأي عملة أخرى، لكن الوضع السليم هو أن يستلمها المواطن بشكلها كما أرسلت. هذا، وإن تلك الخدعة يقع ضحيتها أيضاً المهجرون والنازحون وهؤلاء وضعهم أصعب لأنهم لا يستطيعون إملاء شروطهم، ولكن يجب على كل قادر أن يطلب الشرط الأكيد بتسليم التحويلات بصيغتها تماماً إن دولار فدولار وإن يورو فيورو.

وفيما يأتي سننظر في عملية التحويل وإشكالاتها:
الحالة1: يكون التحويل بلا خسارة عندما تكون أموال المغترب بالعملة الصعبة (دولار أو يورو أو أي عملة عالمية) ويسلمها لشركة التحويل بنفس العملة ويستلمها أهله بنفس العملة عندئذ لا تحدث خسارة إضافية سوى أجرة التحويل.

الحالة2: تحدث الخسارة عند تحويل النقد في البلد الخارجي عندما تكون أموال المغترب بعملة غير عالمية فيضطر المرء لشراء عملة عالمية (دولار أو يورو أو غيرها) فالخسارة تكون فقط عند شراء تلك العملة بشرط أن يستلمها أهله في سورية بالعملة العالمية نفسها. فإذا كان هامش الربح أثناء التحويل ضمن البلد يبلغ 2% فإنه يكون في الخارج على الأقل 3%، وبالتالي إجمالي الفاقد من التحويلات يكون ثلاثين مليون دولار (وذلك بفرض أن إجمالي التحويلات يبلغ مليار دولار وكلها تجري بهذه الطريقة).

الحالة3: تحدث خسارة واحدة عند الاستلام داخل سورية وذلك عندما تكون أموال المغترب بعملة أجنبية ويقوم بتسليمها لشركة التحويل بالعملة الأجنبية، ولكن يستلمها أهله بالليرة السورية، فتكون الخسارة فقط عند الاستلام. ويكون الفاقد الإجمالي تقريباً مثل الحالة الأولى.

الحالة4:تحدث الخسارة في الجانبين، الخسارة الأولى عندما يقوم المغترب بتحويل الأموال التي بحوزته من عملة البلد إلى عملة عالمية (دولار أو يورو أو غيرها) فهو يشتري العملة فتحتسب عليه بالسعر الأعلى. والخسارة الثانية: يخسرها المواطن السوري المستلم لها في داخل البلد، وذلك إذا تسلمها بالعملة المحلية، فالشركة تحتسبها له بالسعر الأدنى لتلك العملة (سعر الشراء). وهذه الحالة هي الحالة العامة بسبب جهل الناس لأصول اللعبة. فالعامل في الخليج مثلا يستلم أجره بالنقد الخليجي فيشتري به الدولار بسعر البيع ويذهب لشركة الصرافة ليحولها إلى سورية حيث يستلمها أهله بالليرة السورية محتسبة بالسعر الأدنى. ويكون الفقد الإجمالي للبلد نحو خمسين مليون دولار، وذلك إذا جرت التحويلات كلها بهذه الطريقة.

الحالة5: عندما يلجأ المغترب لشركة التحويل ويقول: «أريد أن أرسل إلى سورية مبلغ مئة ألف ليرة سورية، فاحتسبوا لي سعرها لأعطيكم ما يقابلها بالعملة المحلية»، عندها يكون فرق السعر كبيراً، لأنه يبيع عملة البلد (وفرة) بعملة أخرى غير مطلوبة فيه، وبالتالي يحتسب عليه السعر بأدنى ما يمكن. من جهة أخرى فالشركة عند التسليم قد تدفع للعميل داخل سورية فوراً أو تتأخر، وكل لحظة تأخير تكون غالبا لمصلحة شركة التحويل، فإن لم يكن التأخير لمصلحتها تدفع فورا. وبالطبع لا أحد يحاسبها إن تأخرت بالأيام وربما بالأسابيع، أو إن لم يكن سعر الصرف المحدد من قبلها دقيقا. وهذه الحالة تخضع لشروط تشبه الابتزاز مع استغلال جهل الزبون ويكون الفاقد الإجمالي نحو خمسين مليون دولار.

الخسارة بسبب الفترة الزمنية: عندما تقوم شركات الصرافة بتسليم الأموال على شكل ليرة سورية، يقول الزبون:»كلا أريدها دولارات فأنا أرسل لي مئة دولار وأريدها مئة دولار»، فتقول الشركة: «من أين لي بالدولار أنا في سورية، اذهب واشتر بها دولار»، عندها على المواطن أن يقول للشركة: «أعطوني الدولارت المرسلة لي، لديكم الدولارات التي أعطاكم إياها قريبي، ولا أريد دولارات غيرها». وطبعا لا ينتصر المواطن عادة، فيذهب لشراء دولارات، لكن المشكلة أن المبلغ احتسب له بالحد الأدنى عندما تم تحويله للعملة السورية، وعندما يشتري الدولار يحتسب عليه بالسعر الأعلى لكونه المشتري، فلا يتمكن بذلك المبلغ أن يشتري مئة دولار (ومع ذلك قد يرضى لتفادي الخلاف مع الشركة). يتبدى حجم المشكلة عندما لا يتمكن من شراء الدولار إلا بعد عدة أيام حيث يكون المبلغ قد نقص عن مئة دولار كثيراً وخصوصاً إذا كان سعر الصرف يرتفع بسرعة.

وهنا تكمن الخطورة في الحالة الثالثة والرابعة عندما يتم تسليم المبلغ داخل سورية بالعملة السورية، فتكون هناك خسارة أخرى هي أكبر بكثير من خسائر فرق التحويل، وهي الخسارة مع الزمن بسبب انخفاض قيمة العملة. وهي خسارة إضافية تحدث بسبب تغير سعر العملة خلال الفترة الزمنية بين التحويل من الخارج والاستلام في الداخل، علاوة على الخسارة خلال الفترة الزمنية بين الاستلام في الداخل إلى أن يتم إنفاق المال. فمثلا لو أنك أرسلت في آذار2013 مئة دولار لأهلك، وتم تسليمها لهم كعملة سورية في نفس اليوم، ولكنهم لم يحتاجوا لإنفاقها إلا في شهر تموز (رمضان)، فإنها تكون قد أصبحت بقيمة خمسين دولارا. أما لو كانوا قد استلموها دولارات لكانت بقيت مئة دولار

هناك خسارة أكبر من جميع تلك الخسائر وهي كون التحويل يجري إلى شركات خاصة ولكن هذه الخسارة حالياً إجبارية بسبب الحصار. وهناك خسارة ارتفاقية أخرى وهي أن استلام المبالغ بالعملة المحلية تشكل ضغطا إضافيا على طلب شراء العملة الصعبة بدلا من أن تكون عاملاً مخمداً لارتفاعها.

قد يقول قائل ولكن ماذا لو حدث تضخم سالب. نقول: إن هذه الحالة نادرة جداً حالياً وعلى مدى التاريخ، وعموما فإن حق الشركة أن تقوم بتسليم التحويلات حسب شكلها (دولار أو أي عملة أجنبية)، وعلى المواطن أن يقبل بأن يستلمها بالدولار لأنها بهذا الشكل أرسلت، وهي قيمتها الفعلية، وعلما أنه في هذه الحالة فلا المرسل ولا المستلم لم يخسرا شيئاً.

إن الشكل النظامي لحدوث التحويلات وهو على الأغلب والاعتيادي، يتمثل في أن السوريين المغتربين في الخارج (أو من يقومون بالتحويل) يرسلون التحويلات على شكل عملة صعبة، إذ يقومون بتسليمها لشركة التحويل في البلد الخارجي على شكل عملة صعبة (دولار فرضا)، عندئذ فمن حق شركة الصرافة أن تسلمها للزبون المواطن السوري طبقا للشكل الذي استلمتها، أي بالدولار. فتقول شركة الصرافة ضمن سورية للزبون السوري مثلا: «إنه تم تحويل مئة دولار لك من الخليج وهاكها مئة دولار» (الأجرة تكون مدفوعة من قبل القائم بالتحويل)، ولا يمكن لأحد أن ينتقد هذا التصرف، لا شرعياً ولا مالياً ولا قانونياً. ونحن نعتبر أن المواطن السوري في الداخل يجب أن يستلم تحويلاته بالشكل الذي أرسلت فيه تماما.

بناء عليه، وحماية للمواطن وللعملة السورية، نعتبر أنه ينبغي منع تسليم التحويلات إلا بالعملة الصعبة. عندئذ يكون التصرف منطقياً وسليماً وقانونياً ولمصلحة الوطن وهو القرار الأكثر إلحاحاً ونحن بأمس الحاجة إليه في الظرف الراهن، علما أنه إجراء لمصلحة الاقتصاد الوطني دائما، لكنه حالياً أكثر حيوية، فسورية بأمس الحاجة لضخ العملة الصعبة في الداخل السوري.


1 comment:

  1. شكرا للدكتور حيدر احمد على هذه المعلومات الاقتصادية التي يجهلها المواطن العادي ولا سيما انها تكشف عن الخسائر التي يتكبدها الوطن والمواطن لحساب المستثمرين في شركات الصرافة والتجار

    ReplyDelete