Friday 19 February 2016

الإسعافات الأولية لمعالجة الاقتصاد السوري ودعم العملة المحلية

http://www.dp-news.com/pages/detail.aspx?articleid=148821

https://www.facebook.com/haidar.abbas.182/posts/306476562822121

https://www.facebook.com/haidar.abbas.182/posts/306618579474586


24/06/2013

(دي برس)

قال أستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق إن مشكلة انخفاض قيمة الليرة بالنظر لكونها مزمنة، ليست مشكلة مفتعلة بل هي مشكلة فعلية، مع الاعتراف بأنه قد خالطها في فترات معينة بعض الألاعيب السوقية. 

وأن هذه الحالة بحسب ما نقلت صحيفة الوطن السورية هي انعكاس لمشاكل اقتصادية ملموسة على أرض الواقع وقد أخذت أبعادها زمنياً ومادياً فأنتجت هذه الحالة. لذلك لا يمكن أن يكون الحل بالإيهام ولا بالإعلام ولا برفع المعنويات ولا بإجراءات ولا بقوانين صارمة ولا بجرعة مسكنة.. فلا جدوى حقيقية من الحلول الارتجالية المرحلية والمؤقتة. 

إن أي حل من ذلك القبيل برأينا قد ينجح في تبطئة زحف التضخم المقلق، لكنه بعد هنيهة يستعيد الاندفاع وتذهب الآمال باستقرار سعر الصرف أدرج الرياح وذلك مباشرة بعدما ينتهي مفعول الجرعة التي اعتاد الاقتصاد على تناولها، وقد حدث مثل ذلك خلال الأزمة عدة مرات. إن الحل يجب أن يكون بإجراءات واقعية تتعلق بالمكونات القاعدية البنيوية التي أدت للحالة الراهنة. إن الاقتصاد في سورية جريح فعليا ولا يمكن معالجة الجريح بالكلام ولا بالمواساة ولا بالمكابرة، بل ينبغي إيقاف النزيف وتعويض الفاقد ووضعه تحت العناية المشددة والمراقبة والمتابعة، عندئذ يكون الحل حقيقياً ونثق بجدواه.


إن الجرح الاقتصادي يعالجه (دكاترة) الاقتصاد، وإن أساليب المعالجة الاقتصادية يمكن أن تكون محاكية لأساليب العلاج بالطب البشري، وفي محاولة لإجراء كشف طبي اقتصادي للحالة الصحية للاقتصاد، يمكن توصيف الحالة بالنقاط الأساسية الآتية: 

1- الإنتاج في أدنى مستوياته. 

2- التصدير شبه متوقف والاستيراد في أوجه. 

3- الإنفاق في أعلى مستوياته. 

4- الحركة بين المناطق صعبة. 

هذه هي العلل الأساسية التي ينبغي التفكير فيها بعمق، وتتطلب ابتكار الحلول بالاستناد إلى حقائق الواقع المعيش، وأمام هذه المشاكل الكبرى لم يعد من المقبول الركون إلى طريقة «الإدارة عالسبحانية» تلك الطريقة التي كانت سائدة فترة طويلة، والتي تعتبر منهجية مفضلة لدى العديد من الإداريين على مختلف المستويات. فالوضع يستلزم الإمساك بزمام المبادرة وانتهاج خطوات الحل بإدارة حازمة، ومن مبادئ العلاج أن يتم السير بالخطوات التالية: 

1- معالجة مشكلة الإنتاج: ويمكن أن يتم ذلك بإنشاء مراكز إنتاج في المناطق الآمنة وابتكار طرق إنتاج جديدة، وخاصة صناعة البدائل لبعض أنواع المستوردات الاستهلاكية البسيطة، والعمل الحثيث على إحياء الصناعات التي تمت إماتتها سابقا بسبب أخطاء داخلية أو استهدافات خارجية. آنذاك وعند توافر المنتجات فحتى لو صعب إيصالها للمناطق الأخرى فيمكن أن تستخدم للتصدير وتحقيق توازناً وتدفق عملة صعبة للداخل ما يخفف وتيرة التدفق الخارج. 

2- إحياء التصدير وفلترة الاستيراد: من أسوأ مظاهر إدارة الأزمة الاقتصادية أن تجد في المجمع الحكومي نسبة كبيرة من السلع الغذائية المستوردة، والكارثة أنها من أنواع المنتجات المحلية المشهورة. والصدمة تتمثل في ماهية البلدان المستوردة منها، فمرة تجدها المواد مستوردة من بلد يستحيل أن يكون قادراً على تصنيعها بجودة وتكلفة أقل من المنتج المحلي (نظراً لفقر البلد زراعياً وغلاء المواد فيه أي إنها مشبوهة المصدر)، فتكون المستوردات أقل جودة وأغلى ثمنا بكثير من المنتج المحلي، والمشكلة أنه رغم غلائها فالناس مضطرون لشرائها لأن قيمة النقد لديهم تنخفض مع كل ارتفاع لسعر الدولار، ومن هنا تتأجج مشكلة انخفاض قيمة العملة المحلية. إن السبب الرئيسي لارتفاع سعر العملات الأجنبية هو أننا نشتري من الجهات الخارجية وهم لا يشترون منا شيئاً تقريباً (عرض وطلب)، وبما أنه ليس لدينا إنتاج كاف فإن حاجتنا للشراء من الخارج تزداد. فنحن منهمكون في شراء بضائعهم علاوة على عملاتهم، وما يزيد الأمور سوءاً أننا نشتري بضاعتهم المماثلة للبضاعة المحلية ولو كانت بضاعتهم أقل جودة وأغلى سعرا متسببين بضرر اقتصادنا. وهذا ما أدى لاختلال كبير في التوازن وخلخلة الاستقرار السابق لسعر الليرة مقابل الدولار ومقابل العملات الأخرى. 

3- ترشيد الإنفاق وخفض الهدر: لقد كان السلوك الأجدر هو إعلان اقتصاد الأزمة من أول ما تبدت منعكساتها الاقتصادية وذلك تحسبا لأي طارئ، ولو تم الإعلان عن ذلك باكراً لكانت الحالة ضبطت فعلاً ولما تفاقمت الأزمة بهذه الحدة. 

وإن الهدر لا يزال قائما على قدم وساق في كل ناحية، فمثلاً لازالت الحكومة تنجز المشاريع المحببة المتمثلة في تكرار الحفر والطمر، والتركيز على أقل المشاريع الإنمائية تطلبا وحيوية. وإن التبجح الاستعراضي إنما يجري على حساب دعم الأساسيات، وفي غمرة الظروف الخانقة تجد من لا يميز بين دعم أسس الحياة ودعم الشركات الأجنبية، ولا يزال بعض منتهزي الدعم يتسلى بهدره. ولا تزال المؤسسات العامة تنتهز فرصة نهاية السنة لإنهاء موازنتها بأي مشاريع شكلية لكيلا تعيد شيئاً للحكومة. 

4- تنشيط شرايين الحركة بين المناطق: إن الإنتاج (الذي لا يزال قائما في بعض المناطق)يكسد في موطنه، في حين يستورد بدائل منه في المناطق المعوزة، وهذه المشكلة معقدة جداً ويصعب علينا تقديم الاقتراحات المثالية بسبب الحاجة لمعلومات عديدة ومتكاملة، لكن بتفكير بسيط يمكن حل هذه المشكلة، مثلاً أن يتم تسيير قوافل البضائع والمنتجات عبر مواكب كاملة لا يتم إيقافها على الطريق ولا تفتح إلا في مكان التسويق، ويمكن أن يرافقها بعض الأشخاص ليس للحماية فقط وإنما لمراقبة عدم تبديل حمولتها. 

المهم من كل ما سبق هو إلى أي مدى يمكن أن تساهم هذه الخطوات في تحسين الصحة الاقتصادية؟ بالطبع المعول الأساسي هو استئناف الإنتاج لأنه يستتبعه إمكانية التصدير ووقف الاستيراد المميت وفرملة التضخم. وبالدرجة الثانية يأتي دور ترشيد الإنفاق على أنه يمكن أن يكون الخطوة الأولى نظرا لتيسر برامجه. وإذا نجحت هذه الإسعافات في تأمين خلجات لنبضات الاقتصاد فإن الشعب المتعطش لأيام الأمن والسعادة، سوف يتشجع ليرفد الانطلاقة نحو التحسن على أمل أن تتحول دفة توجيه السفينة «لتستوي على الجودي»، وعسى أن يتحول اتجاه تيار تدفق السكان ويعكس اتجاهه ليصبح نحو الداخل، فيدعم العملة المحلية، وكذلك ترجع رؤوس الأموال «الجبانة» التي هي معذورة إلى حد ما بفرارها. كما أن المناطق التي كانت تئن تحت الأعباء تصبح ديناموات اقتصادية ويسير الركب الاقتصادي قدماً. 

No comments:

Post a Comment