Wednesday 5 August 2015

خريج ألمانيا الغربية "دح"، وخريج ألمانيا الشرقية "كخ".

هل هناك من ينكر هذا المنطق السائد في بلدنا منذ عدة عقود؟ كلا.
https://www.facebook.com/haidar.abbas.182/posts/670687496401024
إن مجتمعا إنسانيا مقتنع بهذا المنطق آخذاً إياه كمسلمة بديهية على مدى عدة عقود هو مجتمع يمتلك ذهنية جاهزة لقبول منطق داعش. فلماذا تستغرب على مجتمع كهذا أن يتقبل منطق ونظريات داعش؟ بالعكس نظريات داعش مرتكزة على أسس أكثر واقعية من هذا المنطق: مرتكزهم: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام..."، إنه منطق مقبول من جهة المنظور التاريخي ظاهريا، ولكن ما هو المنطق في التمييز بين ألمانيا الشرقية الـ"كخ" وألمانيا الغربية الـ"دح"، عفوا...، ليس بين ألمانيا بل بين موفدنا المتخرج من الشرقية الـ"كخ" وأما من الغربية فهو "دح" بغض النظر عنه كإنسان، ككفاءة، كإنجازات، كجامعة، كمشرف... لا تقييمات أخرى سوى "شرقية كخ" و "غربية دح"، لا ينظر إلى شيء آخر، فكل ما تبقى تفاصيل غير ذات أثر. ولو أن متفوقا منذ الابتدائية حتى الماجستير تم إيفاده إلى ألمانيا الشرقية وتخرج من أفضل جامعة فيها بأعلى معدل، فسيكون أقل تقييما عندنا من أي طالب ولو نجح شحطا من الابتدائية حتى الماجستير ودرس على حسابه بأدنى جامعة ألمانية غربية وتخرج منها.
تصور هذا المبدأ الذي يقوم بالتمييز بين الأشخاص على أساس خريج الجزء الشرقي أم الغربي على مستوى بلد واحد رقعة واحدة قومية، ألمانيا نفسها، والتي عادت والتحمت بعدما أخذت هذه التفرقة مداها وتشبعت في القلوب والعقول والمؤسسات والمجتمعات المتخلفة والتبعية كبلدنا ويستعصي نزعها. فحتى اليوم لا يزال البعض يهتم بمصدر شهادة خريج ألمانيا شرقية أم غربية.
علما أن رئيسة ألمانيا الحالية هي شرقية وخريجة ألمانيا الشرقية وصنفت أقوى امرأة في العالم لخمسة أعوام وقد سيطرت على الاتحاد الأوربي ووضعت فرنسا في جيبها الصغرى وجعلت بريطانيا تتملل وتناور وتراوغ كالملدوغ وتتلجأ إلى أمريكا في كل نخزة ووخزة.
والسؤال إذن: لماذا ألمانيا الشرقية كخ والغربية دح؟.
وهذا المبدأ معمم على كلمة خريج الدول الغربية، وخريج الدول الشرقية كافة وليس فقط ألمانيا ولكن خصصنا ألمانيا لأـنها تبين مدى بروز الشذوذ الفكري الذي يتلقاه مجتمعنا ويسير فيه عالطميشية.
أقول: هذا المنطق كله نشأ من محاربة دول الخليج للمعسكر الشرقي، فقط ولا شيء غير ذلك، ولم ينتج من إجراء مفاضلة علمية لا بين البلدين ولا بين الخريجين، وإنما فقط استتباعا للمبدأ الخليجي المستند أولا للمنظور الديني المتطرف وثانيا استتباعا للغرب وانضواء تحت لوائه لمحاربة المعسكر الشرقي. وبالتالي، فمجتمعنا بهذا الشكل يكون تابعا للخليجين الذين هم بدورهم تابعين للغرب أو للتطرف الديني.
إذن أغبياء الخليج ومتطرفيه (أو ربما عملاه الغرب) كانوا يقودوننا بشكل غير مباشر منذ زمن بعيد يمتد لعدة عقود وهم يملون علينا الخيارات والتفضيلات والمعايير ونحن نسير في ضوء ما يفضلونه ويحبذونه.
ومن الطبيعي بعد كل هذه العقود من القيادة غير المباشرة أن يطمحوا لتحويلها إلى قيادة مباشرة، نعم، ولم لا.
لذلك لماذا تقبل من الخليجيين المعايير التي يعتمدونها وهي مضادة لمبادئك وأنت حليف المعسكر الشرقي، بينما لا تقبل سيطرتهم على قرارك؟ إنه سؤال لا تستطيع الإجابة عليه، ولأنك لا تستطيع الإجابة عليه لذلك هم قاموا بالتحول إلى العمل الميداني.
وتخيل أن الخليجيين تدارسوا مسألة ترتيب أفضلية الشهادات الغربية يعني يضعون خريج أمريكا القمة "طبعا"، بعدها خريج بريطانيا مثلا ثم ألمانيا ثم فرنسا الخ ...نعم (بغض النظر عن الشخص ومنجزاته طبعا) ونشر ذلك في وسائل الإعلام وقرأتها في الجرائد، ومشوا في هذه الخطة ولكن لم تستقم معهم ولو ساروا فيها واعتمدوها لسرت عندنا استتباعا. فتصور أناسا بهذه العقلية ماذا تتوقع منهم؟ وماذا تتوقع ممن يستتبعهم لا شعوريا أو متعمدا؟؟؟.

No comments:

Post a Comment