Wednesday 8 June 2016

محاذير انتقاد شخصية أكاديمية

محاذير انتقاد شخصية أكاديمية

https://www.facebook.com/haidar.abbas.182/posts/753110028158770

انتقاد شخصية أكاديمية ليست مسألة سهلة، وذلك على الوجهين أن تنتقد شخصية أكاديمية هي مسألة خطيرة عليك فكريا، وأن تكون أنت شخصية أكاديمية وتنتقد شيئا ما فهو أيضا أمر خطير عليك فكريا. 
فعندما تقوم أنت بانتقاد شخصية أكاديمية فإن ذلك يحملك مسؤولية يجب أن تكون عارفا بحجمها. أنت تتصدى لعقل علمي، فإذا كنت أنت أيضا أكاديمي وتبين أنك مخطيء فأنت تعرض مصداقيتك للخطر وتفقد الثقة )ربما يكون الخطر الجسدي أقل المخاوف(، ولكن هناك أمور ذات ارتدادات مباشرة يمكن أن تؤثر عليك علميا أمام العارفين من زملائك وكذلك أمام طلابك. خاصة عندما يكون النقاش متعلقا بأمور كمية وبيانات ومعطيات وحقائق، (أما عندما يكون النقاش متعلقا بغيبيات أو فلسفة أو آراء فربما يمكن لكل شخص أن ينتهج نهجه ويدافع عنه إلى ما لا نهاية).
وبالمقابل بنفس المحاكمة فإن الأكاديمي الذي يدافع عن الخطأ يعرض فكره وعقله والثقة به للخطر.
وبالنسبة لي فعندما أنتقد مثلا اتفاقية الشراكة العربية الأوربية وأقول أنها خاطئة وخاسرة فأنا أعارض عشرات الأكاديميين الذين أوصوا بها وطبلوا لها وقاموا بتحقيقها في أماكن ولم يفلحوا في أماكن أخرى. والمشكلة اليوم أنهم حاليا حتى هم غير قادرين عن الدفاع عنها، بل هم غير راغبين ذلك لأنهم في الواقع قد قبضوا مستحقاتهم ومضوا لصناعة حياتهم وسعادتهم على حساب الأغبياء الذين انصاعوا لهم.
وكما قلت ضمن مقطع الفيديو السابق المتعلق بالشراكة العربية الأوربية: حسنا... أنت جربت مرة وتبين أن النهج خطأ، فقلت نجرب ثانية... فلربما هناك ثغرة (علما أن المتعارف عليه هو أنه من الغباء أن تجرب التجربة نفسها بالشروط نفسها وتنتظر نتائج مختلفة) فيتبين أن النتيجة غير مرضية. ثم تجرب مرة ثالثة وتفشل ... إلى هنا وكفى... هنا انتت اللعبة، يجب أن تتوقف.
ليس هذا فحسب، بل من تجربة واحدة إذا أجريت مرة واحدة من قبل محترف فإنه يجب أن يستقرئ الموقف ويتوقع النتائج ويعرف الخطأ وليست التجريب مرة ومرتين ولانهائية.
بل أبعد من ذلك فإن الخبير (خاصة الأكاديمي) من المفترض أنه يمكنه أن يحسبها على الورق بلا أية تجربة، ولذلك يسمى الأكاديمي دكتورا في الاختصاص الفلاني وهذا هو الفرق بينه وبين الجاهل لأنه يشخصها نظريا قبل التجريب استنادا لعلمه ومعارفه ومهاراته التحليلية والتركيبية والاستقراء والاستنتاج والتنبؤ...
أما الذي يلجأ لطريقة التجريب، فهو الجاهل أو الذي يفتقر إلى المعطيات والجاهل حتى لو امتلك المعطيات فإنه لا يتقن إجراء الحسابات. وحتى لو قام بالتجريب فإنه لا يتقن استقراء نتائج التجربة ولا تحصيل الاستخلاصات منها.

No comments:

Post a Comment